بات تعلم اللغات الأجنبية حاجة ملحة ومطلبا أساسيا في الحياة المعاصرة التي تشهد ثورة معلوماتية كبرى نتيجة التقدم في تقنية الاتصالات، التي ساهمت في إذابة الحواجز بين الشعوب، والثقافات، وجعلت من العالم قرية كونية صغيرة يحاور بعضها الآخر، ويستفيد كل منها من الآخر. فتعلم اللغة الأجنبية - أياً كانت - يساعد على الفهم، والاستيعاب، أو «الود» الثقافي بين الأمم، كما يساهم مساهمة فاعلة في نقل العلوم والمعارف والتجارب، والثقافات وترجمتها.
ولما كانت اللغة الإنجليزية هي من أكثر اللغات شيوعا، غدا من الضروري تعلمها وتعليمها لتيسير التواصل بين الأفراد، والمجتمعات من الثقافات المختلفة لكونها وسيطا عالميا للتعبير والتفاهم. كما أن توفر الكتب والمؤلفات، والمراجع على اختلاف مجالاتها وتخصصاتها باللغة الإنجليزية أدى إلى زيادة الوعي بها، وزيادة التشجيع على تعلمها وتعليمها، من أجل نقل تلك المؤلفات وترجمتها .. إلا أن ذلك لا يعني تفضيل تعلم وتعليم اللغات الأجنبية على تعلم وتعليم اللغة الأم - اللغة العربية في هذه الحالة، بل لا بد أن تعطى الأفضلية للغة الأم، لأنها دلالة على الانتماء الثقافي والوطني.
تعليم اللغة الإنجليزية للأطفال
لدى الأطفال قابلية قوية لتعلم اللغات واستيعابها في سن مبكرة جدا. وهي قابلية لا بد من استغلالها وخاصة في إثراء المعرفة اللغوية لدى الطفل وتحديدا في لغته الأم. فيتعين على المربي أن يحرص على تطوير مهارات اللغة العربية عند الطفل، مما يساعد على تطوير حس الانتماء الثقافي والوطني. كما ينبغي تشجيع الطفل على استخدام لغته الأم استخداما صحيحا.
وفي حالة اللغة العربية، على المربي أن يحرص على تنمية الاعتزاز باللغة الفصيحة، واستخدامها والتمكن منها، حتى لا تطغى اللهجات العامية أو اللغات الأجنبية على الفصيحة، وخاصة أن لوسائل الإعلام التأثير الأكبر في اكتساب اللغات الأخرى نتيجة الاتصال التقني والثقافي. إضافة إلى ذلك، على المربي أن يشجع الطفل على نشر لغته، وتعريف الآخرين بها، دونما الحاجة إلى تعلم لغة أخرى «بديلة» للغته الأم، لنقل فكره وثقافته. إلا أن ذلك لا يلغي تعليم الأطفال لغات أخرى .. لكن لا بد أن يتم ذلك بعد أن يتقن لغته الأم.
الترجمة
للترجمة أهمية كبرى في النهضة الحضارية والاتصال الثقافي، ومن هذا المنطلق نبع اهتمام الغرب بالترجمة ونقلوا علوم العرب، وفنونهم، وآدابهم. لكن مما يؤسف له أن عملية الترجمة في العالم العربي تتخذ منحى بطيئا جدا، على عكس ما نجده في الدول الأوروبية. لذا لا بد من تشجيع الترجمة، وإنشاء هيئات وجمعيات تعنى بالترجمة والمترجمين. وأن يشجع اختصاصيو المجالات التقنية على ترجمة المؤلفات في مجال اختصاصهم. كما يجب تشجيع تعلم اللغات الأخرى غير الإنجليزية، وتشجيع النقل من اللغات الأخرى وإليها. وتتطلب الترجمة معرفة المترجم بثقافة اللغة التي ينقل منها واللغة التي ينقل إليها. كما يجب عليه أن يدرك أهمية عمله، وخطورته في آن معا، وأن يكون في غاية الأمانة والإخلاص. وفي حالة الترجمة من اللغة العربية إلى الإنجليزية، والعكس، فعلى المترجم العربي أن يكون على دراية بثقافته العربية الأصيلة، وببلاغة لغته، وأن يكون متمكنا من اللغة الإنجليزية وملما بآدابها.